السياسة الجديدة- موازنة مالية تحدّ من سفر رؤساء الاتحادات الرياضية

في خطوة ترمي إلى تحقيق التوازن المالي المنشود، وجدت الاتحادات الرياضية السعودية نفسها في موقف لا تُحسد عليه، إذْ طُلب منها الاختيار الصعب بين القبول بسياسة السفر والبدلات اليومية الجديدة التي فرضتها اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، أو المخاطرة بفقدان الدعم المالي الحيوي، وهو ما كشفته مصادر خاصة لـ «الرياضية».
واستجابةً لضرورة تقليل الخسائر المحتملة، رضخت غالبية الاتحادات، بواقع 54 اتحادًا تقريبًا، للسياسة المستحدثة، والتي تضمنت تقليصًا حادًا لعدد الرحلات المتاحة لرئيس مجلس إدارة أي اتحاد إلى أربع رحلات سنويًا فقط، وهو الأمر الذي أثار امتعاضًا ظاهرًا لدى بعض الرؤساء.
علاوةً على ذلك، وبدلًا من السفر على متن درجة «البيزنس» المريحة، سيُجبر المديرون التنفيذيون للاتحادات على السفر على الدرجة الاقتصادية الأقل تكلفة، في حين ستشهد قيمة الانتداب المخصصة للإداريين انخفاضًا ملحوظًا. وتتضمن السياسة الجديدة، التي تتألف من 27 مادة تفصيلية، قيودًا تنظيمية أخرى، بما في ذلك إلزامية السفر بالقطار داخل المملكة العربية السعودية، شريطة توفر الخدمة.
وقُبيل انعقاد اجتماع الجمعية العمومية للجنة الأولمبية والبارالمبية في الرياض يوم الأربعاء المنصرم، اشترطت اللجنة على الاتحادات التوقيع بالموافقة على السياسة الجديدة كشرط أساسي لمنحها الدعم المالي اللازم. كما قامت اللجنة بعرض رئاسة عدد من الاتحادات على شخصيات معينة، شريطة التزامهم بالتوقيع على هذه السياسة المثيرة للجدل، وتولى هاني إسماعيل مهمة قيادة هذه الاتصالات الحساسة.
في المقابل، لم تستسلم بعض الاتحادات للأمر الواقع، بل سعت جاهدة لتشكيل تكتل موحد لتبني وجهة نظر مغايرة ومعارضة للسياسة الجديدة.
وفي ظل هذه الظروف المعقدة، توجَّهت الاتحادات الرياضية إلى الاجتماع الحاسم في مجمع الأمير فيصل بن فهد، حيث اختار 54 اتحادًا من أصل 97 القبول بالعرض المقدم من اللجنة، مفضلين الحفاظ على الدعم المالي على أي شيء آخر.
وفي الوقت نفسه، أكدت اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية تلقيها اعتراضات وتحفظات من بعض الاتحادات، وأبدت استعدادها لإجراء تعديلات على بعض البنود المثيرة للجدل. وكشف الأمير فهد بن جلوي، نائب رئيس اللجنة، عن صدور توجيهات مباشرة من الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة ورئيس اللجنة، بدراسة متأنية لبعض البنود المقترحة.
وتنص إحدى مواد سياسة السفر والبدلات اليومية بوضوح على حجز تذاكر السفر الجوي في الدرجة الاقتصادية لجميع المسافرين، باستثناء رئيس الاتحاد أو من ينوب عنه من أعضاء مجلس الإدارة. ويلزم بند آخر في المادة ذاتها بمراعاة ترتيبات السفر الجوي من حيث التكلفة ومدى تناسبها مع طبيعة الرحلة وأهميتها.
واعتمدت مادة أخرى الفنادق متوسطة المستوى كخيار مفضل لإقامة المسافرين، بهدف تحقيق التوازن الأمثل بين توفير الراحة اللازمة وضمان الفاعلية القصوى من حيث التكلفة. ويشمل ذلك فنادق الثلاثة والأربعة والخمسة نجوم، اعتمادًا على الفنادق المتاحة في الدولة أو المدينة المضيفة.
وتجيز المادة ذاتها وضع سقف محدد لأقصى سعر لليلة الواحدة بالريال السعودي، وذلك بموجب مقترح يرفعه الاتحاد المعني وتحظى بموافقة اللجنة الأولمبية والبارالمبية.
وخصصت السياسة الجديدة مادة مستقلة لضوابط البدلات اليومية، حيث حددت قيمتها القصوى بمبلغ 1050 ريالًا لرئيس الاتحاد في السفرة الداخلية، ومبلغ 2050 ريالًا في السفرة الخارجية، في حين يحصل الرئيس التنفيذي للاتحاد على مبلغ 850 ريالًا داخليًا و1650 ريالًا خارجيًا، بينما يحصل الإداريون على مبلغ 680 ريالًا في الداخل و1320 ريالًا في الخارج كحد أقصى.
وسيتم تخفيض البدل اليومي بنسبة 20 في المئة في حال توفير النقل من قبل الاتحاد دون السكن، وبنسبة 50 في المئة في حال توفير السكن من قبل الاتحاد دون النقل، في حين يصل الخصم إلى 80 في المئة في حال توفير الاتحاد السكن والنقل معًا.
وفي جميع الأحوال والظروف، لا يتحمل الاتحاد، كما ورد في المادة القانونية، أي مصروفات تتجاوز قيمة البدل اليومي المقرر سلفًا.
وفي ردها على استفسارات «الرياضية»، أكدت اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية أن الجمعية العمومية صادقت على اتفاقية تمويل الدعم المالي المقدم للاتحادات الرياضية من قبل اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية ووزارة الرياضة. وأوضحت أن هذه الاتفاقية المفصلة تم العمل عليها بدقة خلال الفترة الماضية، بهدف ربط الدعم المالي المقدم للاتحادات الرياضية ببنود صرف واضحة ومحددة، تركز بشكل أساسي على زيادة الخدمات المقدمة للرياضيين في المقام الأول، وترشيد النفقات الإدارية الأخرى، وذلك بهدف رفع كفاءة الإنفاق، وتعزيز الاستدامة المالية للاتحادات الرياضية، ووضع اللاعب واللاعبة واحتياجاتهم الفنية والإدارية والتدريبية كأولوية قصوى، مع الحفاظ على نموذج حوكمة رشيد يضمن استقلالية الاتحادات، ويعزز التناغم بين عمل مجالس إدارتها والاستراتيجيات الرياضية للقطاع بإشراف اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية وبالتعاون الوثيق مع وزارة الرياضة.
وأضاف عبد العزيز باعشن، الرئيس التنفيذي للجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية والأمين العام، في تصريح خاص لـ «الرياضية»، أن هذه الاتفاقية الهامة تم مراجعتها بدقة مع اللجنة الأولمبية الدولية وحظيت بتأييدها الكامل، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقية سبق لدول رياضية متقدمة القيام بتجربة مماثلة، حيث ترتبط الاتحادات الرياضية في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، بعقود موقعة وبنود صارمة مع الجهاز الرياضي الحكومي المعروف بـ «UK Sport». وشدَّد باعشن على أن هذه الخطوة الهامة شهدت مصادقة الجمعية العمومية للجنة ممثلة بالاتحادات الرياضية والجهات ذات العلاقة، مؤكدًا أنها تصب في مصلحة الرياضة السعودية على المدى البعيد بمشيئة الله.